حلقة نقاش بعنوان: المحاضرة الفقهية أساليب العرض والقياس

حلقة نقاش بعنوان: المحاضرة الفقهية أساليب العرض والقياس
 












لا ريب أن التعليم الأكاديمي في تخصص الفقه قد آتى ثمارا يانعة في العلم والمعرفة وانعكس دوره على المجتمع الإسلامي والدعوة إلى الله بفضل الله تعالى ومنته، والذي كان للأقسام الشرعية في الجامعات السعودية دور الريادة فيه تنظيما وطرحا إلا أن من الأهمية بمكان أن يكون للمختصين في هذا الجانب الحيوي من العلم وقفات في تقويم المسيرة الأكاديمية في الدرس الفقهي لاستيعاب المتغيرات المعاصرة والظروف التي يعيشها المسلمون والإفادة من الوسائل التقنية الحديثة، لا سيما أنه يقل أن نجد من يناقش سير العملية التعليمية الأكاديمية في التخصصات الشرعية تقويما وتصويبا مما يحتم مضاعفة الجهد في هذا المجال.
واستجابة لذلك فقد عُقدت هذه الحلقة العلمية بحمد الله تعالى في صباح يوم الاثنين 23/10/1433هـ برئاسة ممثل الجمعية الفقهية في جامعة القصيم د. عبد الله بن أحمد الرميح وذلك في مقر كلية الشريعة والدراسات الإسلامية وكانت بحمد الله ثرية نوقشت فيها جملة من القضايا المهمة في التعليم الفقهي وقد حضرها جمع من أساتذة الفقه.
وقد تم تناول النقاط التالية:
*أساليب عرض المادة الفقهية الثلاث وهي:
أ- اعتماد مصدر فقهي معين يتناول بالتحليل والمناقشة والاستدلال.
ب- عرض المادة بطريقة إلقاء المسائل بدون اعتماد كتاب.
ج- أسلوب التعليم عبر تكليف الطالب بالأبحاث ثم بناء المحاضرة عليها.
*المنهج الجامعي بين الاستقصاء في دراسة المسائل الفقهية وبين الاقتضاب للمادة مع إكمال المنهج وأي الأسلوبين أقوم.


*هل التعليم الجامعي يدرب الطالب على ممارسة المصادر والمراجع المتخصصة؟
*ماذا عن مناسبة المذكرة الجامعية لإفادة الطالب؟
*ما الأسئلة المناسبة في قياس حصيلة الطالب في الفقه؟
*هل المادة العلمية في تاريخ الفقه كافية في تثقيف الطالب بالمدارس الفقهية وأصول المذاهب وأعلام المجتهدين وما جرى مجراهما؟
الرؤى والأطروحات التي تم طرحها في حلقة النقاش:
*أسلوب طرح المادة الفقهية في الدراسات الموضوعية من دون اعتماد كتاب هي طريقة فيها استيعاب للمقرر في الغالب وهي ميسرة للطالب والأستاذ إلا أن من أبرز عيوبها أن الطالب بعد ذلك يصعب عليه ممارسة المصادر الأصلية ولا يكتسب من خلالها اللغة الفقهية التي هي من أهم أسس التعليم، .
والأسلوب الأقوم في المحاضرة الفقهية هو اعتماد مصدر فقهي أصيل؛ إذ بذلك يتعلم لغة الفقه وفهم عبارات المصنفين والأسلوب المتداول عند الفقهاء في الصياغة وبناء الفروع على الأصول، أما طرح المسائل بدون ارتباط بمصدر فإنه لا يخرّج فقيها؛ لما سبق آنفا من عدم إكساب اللغة الفقهية التي بها يتمكن من القراءة والفهم لعبارات المصنفين.
إلا أن تدريس الكتاب يجب أن يكون بالأسلوب المناسب في التعليم القائم على التحليل للعبارات وبيان القواعد والضوابط وربط الفروع بها وإيضاح أدلة القواعد والمسائل والخلاف.
لكن في طريقة اعتماد المصدر الفقهي ملحوظة مهمة وهي قصر الوقت المتاح من ساعات الفصل الدراسي والتي قد لا تكفي لاستيعاب جميع مفردات المنهج المقرر.
أما أسلوب التعليم عبر التكليف بالأبحاث كما هو في الدراسات العليا في الجامعة فهي مناسبة في تلك المرحلة؛ لأن ارتكاز الدراسات العليا قائم على التمرين على إعداد البحوث من جهة، كما أن الطالب من المفترض أن يكون قد تمرس على كتب الفقهاء في المرحلة الجامعية وهذه الطريقة غير مناسبة في المرحلة الجامعية؛ لعدم تأهل الطالب على البحث الكثيف في الكتب، كما أن طول المنهج وكثرة أعداد الطلاب قد لا يساعد على ذلك لكن من المناسب التكليف الجزئي بأبحاث معينة.
*يلحظ أن وضع القاعات الدراسية لدينا أن غالب الطلاب في القاعة يعتمدون على أقلية من الطلاب فيما يكتبونه فكيف السبيل لتفعيل الأكثر من الطلاب؟


*من الأفكار التي طرحت لتفعيل عموم الطلاب أن يقوم الأستاذ بتقسيم الطلاب على هيئة ورش عمل لكل خمسة مثلا لنقاش مسألة معينة لمدة معينة مما يجعل كل الطلاب يشاركون في التعلم وينتج حوارا ثريا جدا.
التوصيات والمقترحات:
وقد نتج عن حلقة النقاش عدة توصيات هي ما يلي:
- اقتراح إقامة ورشة عمل على مستوى الكلية تتعلق بأساليب طرح المادة والأسئلة.
- إعادة صياغة مادة مناهج البحث بما يخدم بناء المهارة البحثية للطالب في تخصص الفقه ويخدم التعرف للمصادر الفقهية عن كثب وأن يكون جزء لا بأس به من خطوات إعداد البحث في مكتبة الكلية تحت إشراف من الأستاذ في الساعة المخصصة للبحث وأن يشترك الطلاب في ورش عمل جماعية في كيفية تخطي الصعوبات في هذا المجال- وسيتم بعون الله تعالى ضمن خطة الجمعية الفقهية مناقشة مادة مناهج البحث في حلقات النقاش المدونة لهذه السنة.
- تفعيل الأساليب الحديثة في تدريس العلوم الشرعية كوسائل العرض التقنية والتعليم الالكتروني.
- تعميق الصلة بين كلية الشريعة والدراسات الإسلامية من جهة وقنوات التعليم الشرعي المنظمة من قبل وزارة الشؤون الإسلامية في المساجد من جهة أخرى بما يحقق التكامل والمصلحة للطالب.
- تفعيل مكتبة الجامعة بما يخدم تعلم الطالب بأن يقام جزء من التعليم فيها وبالأخص في مادة مناهج البحث.
- العناية بعلم الفروق الفقهية لا سيما في بداية شرح الأبواب، وكذلك أهمية العناية الكبرى بالتقعيد للمسائل الفقهية وذكر أسباب الخلاف على نهج كتاب بداية المجتهد لابن رشد وبذلك يتدرب الطلاب على الجمع بين علمي الأصول والفقه والتمرس في استعمال أدوات الترجيح والتخريج الفقهي.
- إعادة توزيع منهج الفقه في مرحلة البكالوريوس في كلية الشريعة على المقررات بحيث يتناسب حجم المادة الملقاة مع الساعات المقررة ويستفاد من رأي من سبق له تدريس هذه المقررات.
- دعم الزيارات الميدانية للطلاب إلى الجهات ذات العلاقة كالمحاكم والهيئات الشرعية في البنوك والمجامع الفقهية ودور الفتوى وما شابهها.


- يلحظ عدم كفاية ما يطرح في جانب تاريخ الفقه الإسلامي في كلية الشريعة وأن هناك إغفالا لأمرين هامين هما:
أ- الأصول التي بني عليها المذهب.
ب- العلاقات بين كتب المذهب الواحد.
ولذا فمن المهم التركيز على هذه المادة وزيادة عدد ساعاتها وعرض أهم المصادر الفقهية بشكل عملي وتطبيقي يفي بالمعرفة.
- ينبغي عدم ربط الطالب بالمذكرات؛ لما لها من أثر سلبي على العملية التعليمية.
- لا بد من إيجاد توازن في العناية بالمسائل الفقهية أثناء المحاضرة من حيث الوقت وكثافة الطرح للمادة بحسب أهمية المسألة، وكذلك تفعيل مبدأ الحوار والمناقشة.
- من المهم جدا في التخصص الفقهي التعلم بناء آلية لتوجيه الطالب للتعلم الذاتي وذكر أساليبه وطرقه بحيث يتكامل دوره الخاص مع الأدوار الأكاديمية المطروحة.
- ينبغي أن يركز في أسئلة الامتحانات على ذكر الأحكام للصور الفقهية والتوضيح بالمثال؛ حيث إن الملحوظ أن الأبرز في الأسئلة هو امتحان الحفظ لا الفهم.
- من المهم العناية تفعيل طرح الأسئلة المحوسبة لدقتها في القياس والشفافية وتوافقها مع طبيعة مادة الفقه وكذلك صدقها في قياس الحصيلة المعرفية للطالب.
أفكار وتجارب في المحاضرة الفقهية:
من التجارب الثرية التي طرحت في الحوار ما يلي:
*من الجيد طرح عدد من المسائل في الفصل الدراسي في أي مقرر مادة الفقه بحيث يختار كل طالب مسألة معينة ويبحثها وله درجة محددة.
*من الطرق الجيدة لربط الطالب بالمادة أسلوب الامتحانات المتكررة بحيث تقسم درجة أعمال السنة على تلك الامتحانات ويمكن أن يكون هناك امتحان أخير لكل ما سبق.
*من المهم رد الفروع الفقهية إلى قواعد وضوابط يكون عليها التركيز، وكذلك التركيز على سبب الخلاف.
*من المهم التركيز على التطبيق العملي للمسائل الفقهية.
*من الطرق النافعة تكليف الطالب بتلخيص كتاب منتقى من الأستاذ والهدف من ذلك أن يتعرف الطالب على الكتاب عن كثب ويعرف منهجه ويتعلم طريقة الصياغة الفقهية.
*من المناسب شد أذهان الطلاب منذ بداية الدراسة بوضع أسئلة لكل محاضرة ويكون الامتحان النهائي في غالبها منها.


*يقترح التفكير في مادة خاصة في قسم الفقه هي (مادة المصادر الفقهية) تدرّس في المكتبة وتجمع بين النظرية والتطبيق وتركز على دراسة أهم المصادر في الفقه وأصوله بدراسة متعمقة والتعرف على مناهجها وتسلسلها وما إلى ذلك من جوانب الإفادة منها وإن لم يمكن ذلك فيجب أن تسند إلى قنوات التعليم الأخرى المساندة في الكلية وهي البرامج التطويرية.
بواسطة :
 0  0  2289
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 03:08 صباحاً الإثنين 23 جمادى الأول 1446.