كلمة معالي الشيخ عبد الله الركبان في اجتماع الجمعية العمومية التاسع للجمعية الفقهية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين
وبعد:
فأحييكم بتحية الإسلام تحية أهل الجنة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : فإن من فضل الله تعالى علينا جميعا أن نجتمع في هذه الليلة في صرح من صروح العلم وقلعة من قلاعه في هذه الجامعة العتيدة التي كانت ولا تزال وستظل بإذن الله منارة هدى ومصباح دجى, هذه الجامعة لها دورها الكبير في المجتمع وهو دور معروف للجميع لا حاجة إلى الحديث عنه وإني لأشكر كل الشكر نيابة عن أعضاء شرف الجمعية سماحة المفتي العام على جهوده الكبيرة ومتابعته لهذه الجمعية ومشاركته في اجتماعاتها ورعايته إياها والشكر موصولٌ لمجلس الإدارة ولرئيسه ونائبه على وجه أخص، الشكر لهؤلاء جميعاً على ما قدموه من جهد في ما مضى وما يؤمل منهم مستقبلاً فجزاهم الله خير الجزاء,لهم منا الدعاء ومن الله المثوبة والشكر لأعضاء الجمعية فرداً فرداً على مشاركتهم ومساهمتهم في نشاطات هذه الجمعية, وللداعمين شكرٌ خاص وأملٌ أن يزداد الدعم فإن الجمعية في حاجة ماسة إلى الدعم فالجانب المادي له أثره الكبير في العمل المجتمعي, وهذه الجمعية نشاطاتها كثيرة ومسؤولياتها متعددة, وهي في حاجةٍ إلى دعم ماديٍ ومعنوي لتواصل العمل في هذا الطريق الذي انتهجته وحسب النظام الذي رسم لها , ولا أنسى أن أنبه أعضاء الجمعية وسواهم وأؤكد على ما تفضل به سماحة المفتي, وإن كنت لن أضيف جديداً فكما يقال:"لا عطر بعد عروس" نحن في هذه الأيام نعيش وضعاً استثنائياً في العالم العربي بوجهٍ خاص وفي العالم الإسلامي بوجهٍ عام فتنٌ يرقق بعضها بعضا يصبح فيها الحليم حيران, وقع فيها الكثيرون خارج هذه البلاد فانتهكت الأعراض وسفكت الدماء وهدمت المساكن وشِرِّد من شرد ويُتِّم من يتم ورُمِلَ من رمل وقائع يشيب لهولها الوليد ما تنقله وسائل الإعلام يفوق الوصف وبحمد الله فقد حمى الله بلادنا من ذلك كله, أمنٌ وأمان ورغد عيش لكن الواجب علينا أن نحافظ على هذه البلاد وعلى وحدتها وعلى أمنها فأمن هذه البلاد خطٌ أحمر، واجبنا أن نكون سداً منيعاً في وجه كل من نريد بهذه البلاد سوءا، بلادكم بلادٌ مستهدفة لأنها في مركز القيادة والريادة من العالم الإسلامي ففيها الحرمان الشريفان ومنها شع نور الإسلام ومنها انطلقت الجحافل التي فتحت الدنيا فلا غرو أن يحقد عليها وأن تحسد على ذلك, ثم هي قد حباها الله عز وجل برغد العيش يؤمها الكثيرون ليستظلوا بظلها ولينهموا مما فيها من عيش ومن ثم فهي محسودة على هذه النعمة، والمتربصون بها كثيرون؛ ولذلك يتعين على كل فرد من أفراد هذا المجتمع بذل ما يستطيع حسب موقعه وللعلماء دورٌ رائدٌ في هذا المجال فمسؤوليتهم أكبر ودورهم أعظم في الإصلاح والمحافظة على مكتسبات هذه البلاد, واجبنا أن نصدع بالحق وأن نقول الكلمة لا نخشى فيها لومة لائم وأن نحاول جاهدين أن نرأب الصدع وأن نرص الصفوف وأن تكون أيدينا مع بعضنا وأن نقف صفاً واحداً مع قيادتنا ندافع عنها ونسددها ونرد كيد الكائدين, من الطبيعي أن توجد الأخطاء فإن الذي لا يخطئ هو الذي لا يعمل والكمال لله عز وجل لكن الأخطاء لا تعالج بالنقد ولا بالتشهير ولا بالنيل من الأمن بوجه أو بآخر هناك وسائل متحضرة تعالج بها هذه الأمور وبفضل الله فقيادة هذه البلاد قد فتحت أبوابها تقبل النصيحة وإرشاد المرشد وهي تعين على ذلك ومما يؤسف له أننا نسمع في بعض المجالس نقداً وجيهاً تارةً وغير وجيه تارةً أخرى ويسكت بعض الحاضرين , فلا ينكر ولا يغير مخافةَ أن يتهم بهذه التهمة أو بتلك وهذا جبنُ وقصورٌ عن أداء الواجب, فواجبنا أن نناقش كل من نقد نقداً غير بناء في مجلسٍ عام أو في مجلسٍ خاص وأن نحاول تقويم من اعوج سلوكه، وعلى شبابنا مسؤوليةٌ كبيرةٌ في هذا المجال شبابنا أمانةٌ في أعناقنا وتوجيههم وإصلاحهم واجبٌ شرعي على الصغير والكبير,فعلينا أن نحتضنهم وأن نشرح صدورنا لهم نناقشهم نجلس معهم نجيب على الشبه التي تعرض لهم والتي قد يثيرونها في مجالسهم، مع الأسف الشديد فقد خدع بعض الشباب ولا سيما من صغار السن فذهبوا إلى ما ذهبوا إليه من اعتناق أفكار منحرفة ولم يقف الأمر عند اعتناقهم إياها وإنما تجاوزوا ذلك حتى ابتدأوا يكونون معاول هدمٍ داخل هذه البلاد وخارجها فالواجب احتواؤهم والتأثير عليهم وشرح الصدور لهم والذهاب إلى مجتمعاتهم لتوجيههم وإرشادهم لا ننتظرهم يأتون إلينا فإن بعضهم ربما لا يأتي لأنه قد غسل دماغه وقد غير فكره بل قد غيب عن هذا المجتمع وصور له العلماء وطلبة العلم أنهم لا يقولون الحقيقة ولا يتكلمون الصدق فعلينا أن ندعوهم إن جاؤوا إلينا فذاك وهو المطلوب وإلا فلنذهب إليهم ولنسعى إلى توجيههم لنبحث عن أماكن اجتماعهم ولنحاول الوصول إليهم وأن نناقشهم بأسلوبٍ لينٍ لبق علينا أن نبذل قصارى الجهود في هذا المجال والحديث عن هذا الجانب حديثٌ يطول وخير الكلام ما قلَّ ودلَّ وقد تكلم سماحة المفتي بما فيه الكفاية فأسأل الله عز وجل للجميع التوفيق وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصل الله وسلم على نبينا محمد وآله وأصحابه ومن اتبعه إلى يوم الدين.